مَساءَ الخَيْرِ
صاحِبَ السِيادَةِ، قَدَّس الأَب، سَعادَةَ النُوّابِ، حَضْرَةَ رَئِيس بَلَدِيَّة بِشَمْزِين، أَوْلِياءَ الأُمُورِ الكِرامِ، الضُيُوفُ الأَعِزّاء، أَعْضاءُ الهَيْئَةِ التَعْلِيمِيَّةِ وَالإِدارِيَّةِ، السَيِّدات وَالسادَة وَأَهَمُّ الحاضِرِينَ اليَوْمَ: أَبْناؤُنا وَبَناتُنا الخِرِّيجُون.
يَسُرُّنِي وَيُشَرِّفُنِي أَنْ أَقِفَ أَمامَكُمْ اليَوْمَ فِي هٰذِهِ المُناسَبَةِ الَّتِي تَجْمَعُ بَيْنَ مَشاعِرِ الفَخْرِ وَالحَنِينِ، لِنَحْتَفِلَ مَعاً بِثَمَرَةِ سَنَواتٍ مِنْ الجُهْدِ، وَلْنُطِلَ مَعاً عَلَى أُفُقٍ جَدِيدٍ مَلِيءٍ بِالفُرَصِ والتحدياتْ.
أَحِبّائِي الخِرِّيجِينَ، هٰذا اليَوْمَ هُوَ مَحَطَّةٌ مُمَيَّزَةٌ فِي حَياتِكُمْ
أَنْتُمْ لَمْ تَتَخَرَّجُوا فَقَطْ مِنْ مُؤَسَّسَةٍ تَعْلِيمِيَّةٍ، بَلْ مِنْ بِيئَةٍ آمَنَتْ بِقُدْراتِكُمْ، رَعَتْ مَواهِبَكُمْ، وَغَرَسْتُ فِيكُمْ القِيَمَ الَّتِي سَتُرافِقُكُمْ أَيْنَما ذَهَبْتُمْ.
لَقَدْ اِكْتَسَبْتُمْ العِلْمَ، وَاِخْتَبَرْتُمْ التَحَدِّياتِ، وَتَعَلَّمْتُمْ مَعْنَى القِيادَةِ وَالعَمَلِ الجَماعِيِّ. وَاليَوْمَ، أَنْتُمْ مُسْتَعِدُّونَ لِلاِنْطِلاقِ فِي مسيرة أَطْوَلَ وَأَصْعَبَ.
لَمْ تَكُنْ مَدْرَسَتُنا يَوْماً مُجَرَّدَ مَبْنىً أَوْ مَنْهَجٍ دِراسِيٍّ. إِنَّها رُوحٌ مُتَجَذِّرَةٌ، وَفِكْرَةٌ حَيَّةٌ، وَرِسالَةٌ مُتَواصِلَةٌ.
نَشَأَتْ مَدْرَسَةٌ بِشَمْزِين العالِيَةُ عَلَى أَساسٍ يَتَمَثَّلُ فِي أَنَّ التَعْلِيمَ لَيْسَ غايَةً، بَلْ وَسِيلَةً لِصِناعَةِ الإِنْسانِ الواعِي، الخَلّاقِ، وَالمُبْدِعِ.
هِيَ المَدْرَسَةُ الَّتِي تَبْنِي الإِنْسانَ قَبْلَ أَنْ تَدرّسَ المَعْلُومَةَ، الَّتِي تُعلّمُ الصِدْقَ قَبْلَ التَفَوُّقِ، وَالاِنْتِماءَ قَبْلَ التَمَيُّزِ، وَالعَمَلَ مِنْ أَجْلِ الصالِحِ العامِّ قَبْلَ أَيِّ مَصْلَحَةٍ فَرْدِيَّةٍ.
هِيَ الَّتِي تَرَى فِي التَنَوُّعِ غِنىً، وَفِي الحِوارِ قُوَّة، وَفِي الاِخْتِلافِ فُرْصَةً لِلنُمُوِّ.
وَاليَوْمَ، نُوَدِّعُكُمْ وَأَنْتُمْ تَحْمِلُونَ هٰذِهِ المَبادِئَ فِي قُلُوبِكُمْ، وَنَتَطَلَّعُ لِأَنْ تَكُونُوا خَيْرَ سُفَراءَ لِهٰذِهِ القِيَمِ فِي العالَمِ.
قَبْلَ أَنْ أُتابِعَ كلمتي، اِسْمَحُوا لِي بِلَحْظَةٍ شَخْصِيَّةٍ.
أَوَدُّ أَنْ أَشْكُرُ رَجُلاً شَكْلَ مَسِيرَتِي أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ شَخْصٍ آخَر: والِدِي، الأُسْتاذ نَبِيُّه مَخْلُوطَة.
لَطالَما كانَتْ قُوَّتُهُ الهادِئَةُ، نَزاهَتَهُ العَمِيقَةَ، وَإِيمانُهُ الراسِخُ بِهٰذِهِ المَدْرَسَةِ، مَنارَةً لَنا جَمِيعاً.
يُذَكِرُنا أَنَّ التَرْبِيَةَ مَسْؤُولِيَّةٌ وَرِسالَةٌ، هُوَ الضَمِيرُ الحَيُّ لِلمَدْرَسَةِ، والبُوصَلَةُ الَّتِي نَسْتَدِلُّ بِها فِي القَراراتِ الصَعْبَةِ، وَالصَوْتُ الَّذِي لا يَرْتَفِعُ، لٰكِنَّهُ يُسْمَعُ بِوُضُوحٍ.
أَتَوَجَّهُ بِالشُكْرِ أَوَّلاً إِلَى السَيِّدِ وَلِيد سعيد نَجّار، رَئِيسِ جَمْعِيَّةِ زَهْرَةِ الآدابِ، عَلَى اِلْتِزامِهِ الثابِتِ وَجُهُودِهِ الَّتِي لا تَعْرِفُ الكَلَلَ فِي دَعْمِ مَسِيرَةِ المَدْرَسَةِ.
كَما أَخُصُّ بِالشُكْرِ الزُمَلاءِ الأَعِزّاءَ فِي الجَمْعِيَّةِ، الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِتَفانٍ خَلْفَ الكَوالِيسِ، إِيماناً مِنْهُمْ بِأَنَّ التَرْبِيَةَ رِسالَةٌ لا تَنْتَهِي عِنْدَ حَفْلٍ أَوْ مُناسَبَةٍ، بَلْ هِيَ مَسارٌ مُسْتَمِرٌّ مِنْ العَطاءِ.
إِلَى زُمَلائِي فِي اللَجْنَةِ الإِدارِيَّةِ: السادَةُ صَفاء نَجّار، وزِياد شاهِين، وبَسّام نَجّار، وجورج جحا: أَنْتُمْ شُرَكاءُ حَقِيقِيُّونَ فِي الحُلْمِ وَالرُؤْيَةِ، وَكُلٌّ مِنْكُمْ يُضِيفُ إِلَى هٰذا الفَرِيقِ لمستَه الخاصَّة، وَخِبْرَتَهُ، وَاِلْتِزامَهُ.
وَأَخُصُّ بِالشُكْرِ مُدِيرَةَ المَدْرَسَةِ، السَيِّدَة لَيْلَى فارِس شاهِين، الَّتِي تَقُودُ هٰذِهِ المُؤَسَّسَةَ بِحِكْمَةٍ وَشَغَفٍ، وَتَوازُنٍ نادِرٍ بَيْنَ الحَزَمِ وَالإِنْسانِيَّةِ. واهتمامها اليَوْمِيُّ فِي أدقّ التَفاصِيلِ المَدْرَسَيةِ، هُوَ ما يَجْعَلُ مِنْ مَدْرَسَة بِشَمْزِين العالِيَةِ بَيْتاً حَقِيقِيّاً لِلعِلْمِ والأخلاق.
وَلا نَنْسَى دَعْمَ سيدنا المُتروبوليت أَفْرام (كيرياكوس) الرُوحِيَّ وَالمَعْنَوِيَّ الَّذي يُرافِقُ مَسِيرَتَنا، وَصَلَواتِ ِأبونا أثناسيوس بَرَكات.
إِلَى المُعَلِّمِينَ وَالإِدارِيِّينَ الأَعِزّاءِ: أَنْتُمْ القَلْبُ النابِضُ فِي هٰذِهِ المُؤَسَّسَةِ. شُكْراً لِكَوْنِكُمْ أَكْثَرَ مِنْ مُجَرَّدِ ناقِلِي مَعْرِفَةً — أَنْتُمْ قُدْوَةٌ، وَمَصْدَرُ إِلْهامٍ، وَأَمانٍ لِكُلِّ طالِبٍ مَرَّ مِنْ هُنا. أَنْتُمْ مَنْ يَبْني الثِقَةَ، وَيَزْرَعُ الشَغَفَ، وَيُرَبّي أَجْيالاً عَلَى القِيَمِ قَبْلَ العِلْمِ.
إِلَى أَوْلِياءِ الأُمُورِ الكِرامِ: أَنْتُم الشُرَكاءُ الحَقِيقِيُّونَ فِي هٰذِهِ المَسِيرَةِ. شُكْراً على ثِقَتِكُمْ، ومساندة أَبْنائِكُمْ، وَحِرْصِكُمْ عَلَى أَنْ تَكُونَ مَدْرَسَةً بِشَمْزِينِ العالِيَةِ البِيئَةَ الَّتِي يُنِمُّونَ إليها فِكْرِيّاً وَأَخْلاقِيّاً.
كَلِمَةُ شُكْرٍ خاصَّةٍ أُوَجِّهُها لِصَدِيقِي وَرَفِيقِ مَلاعِبِ الصِبا، خَطِيبِ هٰذا الحَفْلِ، الدكتور نَقُولا غازِي.
كَلِماتُكَ اللَيْلَةَ لَن تَكون مُجَرَّدَ خِطابٍ رَسْمِيٍّ، بَلْ شَهادَةً صادِقَةً مِنْ القَلْبِ، تُعَبِّرُ عَنْ اِنْتِماءٍ حَقِيقِيٍّ وَحُبٍّ عَمِيقٍ لِبِشَمْزَيْنِ وَمَدْرَسَتِها.
وُجُودُكَ اليَوْمَ بَيْنَنا يُذَكِرُنا أَنَّ مَنْ تَرَبَّى فِي مَدْرَسَةٍ بِشَمْزِين العالِيَةِ لا يَبْتَعِدُ أَبَداً، بَلْ يَعُودُ دائِماً لِلمُساهَمَةِ، وَترك أَثَر جَدِيد فِي نُفُوسِ الجِيلِ القادِمِ.
نَنْظُرُ إِلَى الأَمامِ بِثِقَةٍ، وَنَرْسُمُ مَعاً طَرِيقَ الغَدِ، مُسْتَنِدِينَ إِلَى رُؤْيَةٍ واضِحَةٍ وَخُطَّةٍ طَمُوحَةٍ تَتَضَمَّنُ ثَمانِيَةَ مَحاوِرَ أَساسِيَّةٍ.
أَوَّلاً: تَعْزِيزُ جَوْدَةِ التَعْلِيمِ وَتَثْبِيتُ الاِعْتِمادِ الدَوْلِيِّ ((Accreditation: نَعْمَلُ عَلَى تَطْوِيرِ المَناهِجِ، وَتَمْكِينِ المُعَلِّمِينَ، وَاِعْتِمادِ أَسالِيبَ تَعْلِيمِيَّةٍ حَدِيثَةٍ تُحاكِي أَفْضَلَ المَعايِيرِ العالَمِيَّةِ، وَنُتابِعُ عَنْ كَثَبِ مُتَطَلَّباتِ الاِعْتِمادِ لِلحِفاظِ عَلَيْهِ وَتَعْزِيزِهِ.
ثانِياً: ضَبْطُ النُمُوِّ بِما يَتَماشَى مَعَ الاِسْتراتِيجِيَّة العامَّة لِلجَمْعِيَّة: نَعْمَلُ عَلَى تَوْسِيعِ المَدْرَسَةِ بِخُطىً مَدْرُوسَةٍ تَضْمَنُ التَوازُنَ بَيْنَ العَدَدِ وَالنَوْعِيَّةِ، بِما يُحافِظُ عَلَى الهُوِيَّةِ التَرْبَوِيَّةِ وَيَخْدِمُ مَصْلَحَةَ الطُلّابِ.
ثالِثاً: إِعادَةُ تَأْهِيلِ الحَرَمِ المَدْرَسِيِّ الجَدِيدِ: نَسْعَى إِلَى تَحْوِيلِ هٰذا الحَرَمِ إِلَى مِساحَةٍ نابِضَةٍ بِالعِلْمِ وَالتَرْبِيَةِ، تُكْمِلُ رِسالَةَ الحَرَمِ الرَئِيسِيِّ. وَسَتَنْطَلِقُ وَرْشَةُ البِناءِ قَرِيباً، لِيَكُونَ الحَرَمُ جاهِزاً لِاِسْتِقْبالِ الطُلّابِ فِي أَيْلُولَ 2026.
رابِعاً: التَحَوُّلُ الرَقْمِيُّ وَالتَطْوِيرُ الأَكادِيمِيّ: نَسْتَثْمِرُ فِي تِقْنِيّاتِ التَعْلِيمِ الحَدِيثَةِ، وَنَبْنِي بِنِيَّةً رَقْمِيَّةً مُتَكامِلَةً تَدْعَمُ التَعَلُّمَ وَالتَقْيِيمَ وَالإِدارَةَ الأَكادِيمِيَّةَ.
خامِساً: الاِسْتِدامَةُ المالِيَّةُ: نَعْمَلُ عَلَى ضَمانِ الاِسْتِقْرارِ المالِيِّ مِن خِلالِ تَنْوِيعِ مَصادِرِ التَمْوِيلِ، وَتَأْسِيسِ صَنادِيق اِحْتِياط، وَتَبَنِّي مُبادَراتِ دَعْمٍ تَحْفَظُ التَوازُنَ بَيْنَ الجَوْدَةِ وَالتَكْلِفَةِ.
سادِساً: دَعْمُ وَتَطْوِيرُ الهَيْئَةِ التَعْلِيمِيَّةِ: نُؤْمِنُ أَنَّ المُعَلِّمَ هُوَ رَكِيزَةُ المَدْرَسَةِ وَرُوحُها، لِذا نُولِي اِهْتِماماً خاصّاً بِتَعْزِيزِ قُدْراتِهِ وَتَطْوِيرِ مَهاراتِهِ مِنْ خِلالِ بَرامِجِ تَدْرِيبٍ مُسْتَمِرَّةٍ، وَشَراكاتٍ أَكادِيمِيَّةٍ، وَفُرَصٍ لِلنُمُوِّ المِهْنِيِّ.
سابعاً: تَفْعِيلُ دَوْرِ الخِرِّيجِينَ: نَحْرِصُ عَلَى إِعادَةِ إِشْراكِ خِرِّيجِي المَدْرَسَةِ فِي مَسِيرَتِها، مِنْ خِلالِ التَواصُلِ المُنْتَظَمِ، وَتَشْجِيعِهِمْ عَلَى المُساهَمَةِ فِي دَعْمِ بَرامِجِ المَدْرَسَةِ الأَكادِيمِيَّةِ وَالثَقافِيَّةِ وَالتَمْوِيلِيَّةِ.
ثامناً: دَعْوَةُ أَجْيالٍ بِشَمْزِين الجَدِيدَةُ لِلاِنْضِمامِ إِلَى جَمْعِيَّةِ زَهْرَةِ الآدابِ، وَضَمانُ اِسْتِمْرارِيَّةِ الرِسالَةِ: فَهِيَ الدَعامَةُ الأَساسِيَّةُ الَّتِي حَمَلَتْ هٰذا الصَرْحَ لِأَجْيالٍ، وَبِاِنْضِمامِ الشَبابِ نَضْمَنُ اِسْتِمْرارَها بِإِيمانٍ وَحَيَوِيَّةٍ.
أمّا أعزاؤنا الخِرِّيجُونَ، ففِي هٰذِهِ المَرْحَلَةِ المَفْصَلِيَّةِ،
تَخَرُجُكُمْ مِنْ مَدْرَسَةٍ بِشَمْزِين العالِيَةِ لَيْسَ النِهايَةً، بَلْ بِدايَةٌ لِمَسِيرَةٍ إِنْسانِيَّةٍ راقِيَةٍ.
أَنْتُمْ تَتْرُكُونَ أَثَراً لا يُنْسَى، وَسَتَظَلُّونَ دائِماً جُزْءاً مِنْ قِصَّةِ مَدْرَسَةٍ بِشَمْزِين العالِيَةِ، أَيْنَما كانَتْ خُطُواتُكُمْ المُقْبِلَةُ.
لَقَدْ وَهَبَتْكُمْ الحَياةُ عَطايا كَثِيرَةً: عِلْماً، وَفُرَصاً، وَمُجْتَمَعاً آمَنَ بِكُمْ. فَلا تَبْخَلُوا عَلَى الحَياةِ بِبَعْضِ ما وَهَبْتُكُمْ إِيّاهُ.
وَالآنَ، اِنْطَلَقُوا فِي دُرُوبِ الحَياةِ، وَأَعْطَوْا بِسَخاءٍ، وَاِعْمَلُوا بِتَواضُعٍ، وَاِخْدَمُوا بِفَرَحٍ.
وَلْـتـكُنْ رُوحُ مَدْرَسَةٍ بِشَمْزِين العالِيَةِ رَفِيقُكُمْ الدائِمَ حَيْثُما حَلَلْتُمْ، وحاضِرةً فِي فِكْرِكُمْ وَكَلِماتِكُمْ وَأَعْمالِكُمْ.
بِاِسْمِ اللَجْنَةِ الإِدارِيَّةِ لِمَدْرَسَةٍ بِشَمْزِين العالِيَةِ، أُهَنِّئُكُمْ مِنْ القَلْبِ. نَحْنُ فَخُورُونَ بِكُمْ، ومُؤْمِنُونَ بقدراتكم، وَنَتَطَلَّعُ إِلَى المُسْتَقْبَلِ المُشْرِقِ الَّذِي أَنْتُمْ صُنّاعُهُ.
هٰذا لَيْسَ الخِتامَ، بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ البِدايَةِ.
شُكْراً لَكُمْ